Menu

أين الفلسطيني الجديد؟ 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

مفاعيل نضالات شعبنا بمحطاتها المختلفة، وآخرها معركة سيف القدس وهبة أيار المرافقة لها، تخلق آفاق جديدة، بتجاوزها المستمر للخطوط والتقسيمات التي فرضها الاحتلال، وإذا كان انشغال المستعمر ورهانه هو منع الفعل وخنق امكانياته، فإن النضال كفعل ابداعي خلاق، وتعبير صادق عن إرادة وآمال الجماهير يعمل كمنظومة تغذية ذاتية تعيد فتح الآفاق وتجديد الأمل واقتراح الأليات والاستراتيجيات، فمع كل انتفاضة أو هبة أو حدث جماهيري جامع في مواجهة العدو، يتغذى الجدل والنقاش السياسي والنضالي بأفكار وإجابات وروح جديدة، لا تنسلخ عمّا قبلها ولكن تشكّل أداة لتجذير الارتباط بين الهوية والأهداف السياسيّة الرئيسيّة المرتبطة بجوهر هذا الصراع وبين الأدوات والممارسات المستخدمة من قبل المجموع الوطني في فعله التحرري.

منذ اندحار العدو من غزة، يراهن في سياساته على حصار قطاع غزّة وردع مقاومته وأهله بالجرائم التي ترتكبها الآلة العسكرية، ومحاولة لتثبيت احتلال دون كلفة في الضفة، يواصل فيه العدو ملاحقة كل أفق لفعل مقاوم ويحاول بيع أوهام عن حياة آمنة في ظل الاحتلال يواصل قضم الأرض يوميًا، وبالموازاة يواصل العدو العمل على سياسات العزل والأسرلة ضد أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948، في سياق مثل هذا تنظر المنظومة الأمنية والعسكرية الاحتلالية لكل فعل مقاوم باعتباره خرق لجدار بنته، تسعى لإبادة من أحدثه ورتق الخرق وزيادة التحصين الأمني على مستوى الجغرافي أو السياسات الأمنية، ذلك حلم كل محتل وغازٍ، بيئة هادئة يرضخ فيها الشعب وييأس من محاولة القتال، وتتجه شرائح متزايدة منه تدريجيًا للاستسلام أو للتعاون مع المحتل، لكن هيهات. هناك دم يلون الأفق. دماء شهداء العمليات الفردية ك قطر ات متتابعة سقطت على أرض فلسطين، تجمعت، توحدت، نظمت ذاتها، وأشرقت شمسها، بفعل جماهيري يتسع وخلايا مسلحة تحظى بحواضن جماهيرية.

أين كيث دايتون؟ هل لا زال عند مقولاته حول الفلسطيني الجديد؟ أتراه أعاد خلقنا؟ وما هي أخبار زبانية الشاباك وكبار ضباطه؟ فمن تابع مقولاتهم حول تدجين الفلسطيني بوسعه النظر في العيون الوقحة والحديث بكامل الثقة والإيمان بحقيقة هذا الشعب الأبي، أن الغد دائمًا لنا، كل غدٍ هو لنا ولو كان عشية هزيمة.

شهداء ضفة التحرير هذا كان فعلهم، يحينا دم الشهيد، نجمع شتاتنا ونعيد تنظيم ذاتنا، ومن تحت ألف ألف سور وتحصين، نفق ألف عين أخرى لأمن العدو ولكل عميل، ويستعاد الفعل، هذا ما قالته جماهير شعبنا في الداخل المحتل خلال هبة أيّار وما كتبته نيران مراكز شرطة العدو المحترقة، وعويل مستوطنيه في اللد التي استعادت هوية وتاريخ قتالها المجيد ضد هذا العدو ولو لسويعات.

حتى تلك التقسيمة البلهاء التي يخال العدو أنه اختطها لهذه البلاد تبدو واهية ومرتبكة، غزة أرض للمتمردين تقصفها الطائرات وتحرقها المدافع، والضفة ساحة للتطويع، فيما الداخل المحتل مساحة لترهيب الفلسطيني ودفعه نحو الاستسلام للأسرلة.

تطوِّع من؟ نشأت ملحم؟ أبطال اللد؟ شهداء برقين أم أبطال القدس؟ جيل بأكمله شاهد المقاومة تذل عدونا طيلة أيّام المعركة، وتربى على أساطير صمود فلسطين والعروبة في غزّة وبيروت، يعيد بعث نيرانه من الجليل إلى رفح.

حتى لا تكون هذه خطابة أو أحلام في الهواء-وكلاهما أي الخطابة والأحلام لا تشكو من شيء- لنعد في البحث عن الفلسطيني الجديد الذي ادّعى الزبانية خلقه، هذا الجيل الفلسطيني اليوم في معظمه أشد عزمًا وإرادة ورغبة في القتال، ورهانها على حصار ونبذ وعزل الراغبين في القتال يبدو مقلوبًا، حيث ينبذ هذا الشعب خيارات الاستسلام وحامليها، وتبدو وحدة شعبنا أعلى من كل تقسيمات المحتل، وقدرته على إبداع أدوات النضال تتفوق على كل محاولات الخنق.

أحب دايتون تخيلاته عن الفلسطيني الجديد، لكن هؤلاء الذين يمضون في شوارع البلاد ويتخذون مغاور جبالها قواعد لهم بالتأكيد هم كابوسه وحلمنا.